وَالْقَوْل الثَّانِي أَنه عدل لَا يظلم لِأَنَّهُ لم يرد وجود شَيْء من الذُّنُوب لَا الْكفْر وَلَا الفسوق وَلَا الْعِصْيَان بل الْعباد فعلوا ذَلِك بِغَيْر مَشِيئَته كَمَا فَعَلُوهُ عاصين لأَمره وَهُوَ لم يخلق شَيْئا من أَفعَال الْعباد لَا خيرا وَلَا شرا بل هم أَحْدَثُوا أفعالهم فَلَمَّا أَحْدَثُوا معاصيهم استحقوا الْعقُوبَة عَلَيْهَا فعاقبهم بأفعالهم لم يظلمهم
هَذَا قَول الْقَدَرِيَّة من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم وَهَؤُلَاء عِنْدهم لَا يتم تنزيهه عَن الظُّلم إِن لم يَجْعَل غير خَالق لشَيْء من أَفعَال الْعباد بل وَلَا قَادر على ذَلِك وَإِن لم يَجْعَل غير شَاءَ لجَمِيع الكائنات بل يَشَاء مَا لَا يكون وَيكون مَا لَا يَشَاء إِذْ الْمَشِيئَة عِنْدهم بِمَعْنى الْأَمر
وَهَؤُلَاء وَالَّذين قبلهم يتناقضون تناقضا عَظِيما وَلَكِن من الطَّائِفَتَيْنِ مبَاحث ومصنفات فِي الرَّد على الْأُخْرَى وكل من الطَّائِفَتَيْنِ تسمى الْأُخْرَى الْقَدَرِيَّة وَقد روى عَن طَائِفَة من التَّابِعين مُوَافقَة هَؤُلَاءِ
مقَالَة أهل السّنة
وَالْقَوْل الثَّالِث أَن الظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه وَالْعدْل وضع كل شَيْء فِي مَوْضِعه وَهُوَ سُبْحَانَهُ حكم عدل يضع الْأَشْيَاء موَاضعهَا وَلَا