موقف الْمُؤمن من الشرور والخيرات وَمَا يجب عَلَيْهِ حيالها
وَالْمُؤمن يَنْبَغِي لَهُ أَن يعرف الشرور الْوَاقِعَة ومراتبها فِي الْكتاب وَالسّنة كَمَا يعرف الْخيرَات الْوَاقِعَة ومراتبها فِي الْكتاب وَالسّنة فَيُفَرق بَين أَحْكَام الْأُمُور الْوَاقِعَة الكائنة وَالَّتِي يُرَاد إيقاعها فِي الْكتاب وَالسّنة ليقدم مَا هُوَ أَكثر خيرا وَأَقل شرا على مَا هُوَ دونه وَيدْفَع أعظم الشرين بِاحْتِمَال أدناهما ويجتلب أعظم الخيرين بِفَوَات أدناهما فَإِن من لم يعرف الْوَاقِع فِي الْخلق وَالْوَاجِب فِي الدَّين لم يعرف أَحْكَام الله فِي عباده وَإِذا لم يعرف ذَلِك كَانَ قَوْله وَعَمله بِجَهْل وَمن عبد الله بِغَيْر علم كَانَ مَا يفْسد أَكثر مِمَّا يصلح
وَإِذا عرف ذَلِك فَلَا بُد أَن يقْتَرن بِعِلْمِهِ الْعَمَل الَّذِي أَصله محبته لما يُحِبهُ الله وَرَسُوله وبغضه لما يبغضه الله وَرَسُوله وَمَا اجْتمع فِيهِ الحبيب والبغيض الْمَأْمُور بِهِ والمنهي عَنهُ أَو الْحَلَال والمحظور أعطي كل ذِي حق حَقه ليقوم النَّاس بِالْقِسْطِ فَإِن الله بذلك أنزل الْكتاب وَأرْسل الرُّسُل فالعلم بِالْعَدْلِ قبل فعل الْعدْل
فَإِذا علم وَأحب كَانَ من تَمَامه الْجِهَاد عَلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى لقد أرسلنَا رسلنَا بِالْبَيِّنَاتِ وأنزلنا مَعَهم الْكتاب وَالْمِيزَان ليقوم النَّاس بِالْقِسْطِ وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد وَمَنَافع للنَّاس وَالْعلم