هُوَ طَرِيق إِلَى الْعَمَل وَسبب كَمَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا أَي علما
فالعلم بِالْخَيرِ سَبَب إِلَى فعله وَالْعلم بِالشَّرِّ سَبَب إِلَى مَنعه هَذَا مَعَ حسن النِّيَّة وَإِلَّا فَالنَّفْس الأمارة بالسوء قد يكون علمهَا بالسوء سَبَب لفعله وبالخير سَبَب لمَنعه وَكَذَلِكَ الْإِثْم وَالْبَغي بِغَيْر الْحق مثل الْخمر الَّذِي اتخذ مِنْهُ أَنْوَاع من المسكرات وَقيل إِنَّهَا حَلَال وَسميت بِغَيْر أَسمَاء الْخمر وَهِي من الْخمر
وَكَذَلِكَ ظلم الْعباد فِي النُّفُوس وَالْأَمْوَال والأعراض فِيهِ مَا قد سمي حَقًا وعدلا وَشرعا وسياسة وجهادا فِي سَبِيل الله وَهُوَ من الْكفْر والفسوق والعصيان مَا لَا يُحْصِيه إِلَّا الله وَكَذَلِكَ الْإِشْرَاك بِاللَّه بِغَيْر حق وَالْقَوْل بِمَا لَا يعلم مثل أَنْوَاع الغلو فِي الدَّين واتخاذ الْعلمَاء والعباد أَرْبَابًا من دون الله وَالْقَوْل بِتَحْرِيم الْحَلَال وَتَحْلِيل الْحَرَام وأنواع الْإِشْرَاك بالمخلوقات عبَادَة لَهَا واستعانة بهَا وغلوا فِيهَا وقولا على الله فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته وَأَحْكَامه مَا قد دخل فِي ذَلِك من الْبَاطِل الَّذِي سمي بأسماء محمودة أَو غير مذمومة كالعبادة والزهادة وَالتَّحْقِيق وأصول الدَّين وَالْفِقْه وَالْعلم والتوحيد وَالْكَلَام والفقر والتصوف مَا لَا يُحْصِيه إِلَّا الله
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَن يعرف أَن كل تَبْدِيل يَقع فِي الْأَدْيَان بل كل اجْتِمَاع فِي الْعَالم لَا بُد فِيهِ من التَّحَالُف وَهُوَ الِاتِّفَاق والتعاقد على ذَلِك من اثْنَيْنِ فَصَاعِدا