الْوَجْه الثَّالِث أَن ذَلِك أعظم عزة للْإيمَان وَأَهله واكثر لَهُم فَهُوَ يُوجب من علو الْإِيمَان وَكَثْرَة أَهله مَا لَا يحصل بِدُونِ ذَلِك وَأمر الْمُنَافِقين والفجار بِالْمَعْرُوفِ ونهيهم عَن الْمُنكر هُوَ من تَمام الْجِهَاد وَكَذَلِكَ إِقَامَة الْحُدُود
وَمَعْلُوم أَن فِي الْجِهَاد وَإِقَامَة الْحُدُود من إِتْلَاف النُّفُوس والأطراف وَالْأَمْوَال مَا فِيهِ فَلَو بلغت هَذِه النُّفُوس النَّصْر بِالدُّعَاءِ وَنَحْوه من غير جِهَاد لَكَانَ ذَلِك من جنس نصر الله للأنبياء الْمُتَقَدِّمين من أممهم لما أهلك نُفُوسهم وَأَمْوَالهمْ
وَأما النَّصْر بِالْجِهَادِ وَإِقَامَة الْحُدُود فَذَلِك من جنس نصر الله لما يخْتَص بِهِ رَسُوله وَإِن كَانَ مُحَمَّد وَأمته منصورين بالنوعين جَمِيعًا لَكِن يشرع فِي الْجِهَاد بِالْيَدِ مَا لَا يشرع فِي الدُّعَاء