للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجهاد للْكفَّار أصلح من هلاكهم بِعَذَاب سَمَاء من وُجُوه أَحدهَا أَن ذَلِك أعظم فِي ثَوَاب الْمُؤمنِينَ وأجرهم وعلو درجاتهم لما يَفْعَلُونَهُ من الْجِهَاد فِي سَبِيل الله لِأَن تكون كلمة الله هِيَ الْعليا وَيكون الدَّين كُله لله

الثَّانِي أَن ذَلِك أَنْفَع للْكفَّار أَيْضا فَإِنَّهُم قد يُؤمنُونَ من الْخَوْف وَمن أسر مِنْهُم وسيم من الصغار يسلم أَيْضا وَهَذَا من معنى قَوْله تَعَالَى كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس قَالَ أَبُو هُرَيْرَة وكنتم خير النَّاس للنَّاس تأتون بهم فِي الأقياد والسلاسل حَتَّى تدخلوهم الْجنَّة فَصَارَت الْأمة بذلك خير أمة أخرجت للنَّاس وأفلح بذلك الْمُقَاتِلُونَ وَهَذَا هُوَ مَقْصُود الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ والنهى عَن الْمُنكر وَهَذَا من معنى كَون مُحَمَّد مَا أرسل إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين فَهُوَ رَحْمَة فِي حق كل أحد بِحَسبِهِ حَتَّى المكذبين لَهُ هُوَ فِي حَقهم رَحْمَة أعظم مِمَّا كَانَ غَيره

وَلِهَذَا لما أرسل الله إِلَيْهِ ملك الْجبَال وَعرض عَلَيْهِ أَن يقلب عَلَيْهِم الأخشبين قَالَ لَا استأني بهم لَعَلَّ الله أَن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وَحده لَا شريك لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>