أَنا ربكُم الْأَعْلَى [سُورَة النازعات ٢٤] لِأَنَّهُ لَو كَانَ قَوْله إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا مخلوقا لَكَانَ كلَاما للمحل الَّذِي خلق فِيهِ إِمَّا الشَّجَرَة وَإِمَّا الْهَوَاء فَيكون الشَّجَرَة أَو الْهَوَاء هُوَ الْقَائِل إِنَّنِي أَنا الله وَمن جعل هَذَا رَبًّا فَهُوَ بِمَنْزِلَة من جعل فِرْعَوْن رَبًّا وَإِن كَانَ الله خَالق ذَلِك الْكَلَام فِي الشَّجَرَة والهواء فقد ثَبت بِالْحجَّةِ أَنه خَالق أَفعَال الْعباد وَأَنه أنطق كل شَيْء فَكل نَاطِق فِي الْوُجُود هُوَ أنطقه وَخلق نطقه فَيجب أَن يكون كل نطق فِي الْوُجُود كَلَامه حَتَّى قَول فِرْعَوْن أَنا ربكُم الْأَعْلَى وَحِينَئِذٍ فَلَا فرق بَين قَوْله إِنَّنِي أَنا الله وَبَين خلقه على لِسَان فِرْعَوْن أَنا ربكُم الْأَعْلَى
وَهَذَا اللَّازِم تَفِر مِنْهُ الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم إِذْ هم لَا يقرونَ بِأَن الله خَالق أَفعَال الْعباد لَكِن يلْزمهُم بِالْحجَّةِ مَا يخلقه الله من الْكَلَام مثل إنطاق الْجُلُود وتسبيح الْحَصَى وَتَسْلِيم الْحجر عَلَيْهِ السَّلَام وَشَهَادَة الْأَلْسِنَة وَالْأَيْدِي والأرجل فَإِن هَذَا لَيْسَ من أَفعَال الْعباد بل ذَلِك خلق الله فيلزمهم أَن يَقُولُوا ذَلِك كُله كَلَام الله وَهُوَ بَاطِل وهم لَا يلتزمونه
وَإِنَّمَا الْتزم مثل هَذَا الإتحادية والحلولية الَّذين يَقُولُونَ إِنَّه وجود الْمَخْلُوقَات أَو هُوَ سَار فِي جَمِيع الْمَخْلُوقَات كَمَا قَالَ قَائِلهمْ وكل كَلَام فِي الْوُجُود كَلَامه ... سَوَاء علينا نثره ونظامه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute