للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ السَّابِقُونَ الْأَولونَ من هَذِه الْأمة فِيمَا فَعَلُوهُ من الْجِهَاد وَالْهجْرَة لَو تركُوا ذَلِك واقتصروا على مَا دون كَانَ ذَلِك من أعظم سيئاتهم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة وَإِذا استنفرتم فانفروا كَانَ الإقتصار على مُجَرّد ذَلِك من حَسَنَات الْأَبْرَار الَّذين لَيْسُوا من أُولَئِكَ السَّابِقين

وَكَذَلِكَ المُرْسَلُونَ لَهُم مأمورات لَو تركوها كَانَ ذَلِك سيئات وَإِن كَانَ فعل مَا دونهَا حَسَنَات لغَيرهم مِمَّن لم يُؤمر بذلك إِلَى نَظَائِر ذَلِك مِمَّا يُؤمر فِيهِ العَبْد بِفعل لم ؤمر بِهِ من هُوَ دونه فَيكون ترك ذَلِك سَيِّئَة فِي حقهه وَهُوَ من المقربين إِذا فعله وَيكون فعل مَا دون ذَلِك حَسَنَات لمن دونه

وَذَلِكَ أَن الْإِنْسَان يفضل على غَيره إِمَّا بِفعل مُسْتَحبّ فِي حَقّهمَا وَإِمَّا بِمَا يُؤمر بِهِ أَحدهمَا دون الآخر فيفعله وتخصيصه بِفِعْلِهِ قد يكون لقدرته وَقد يكون لامتحانه بِسَبَبِهِ كمن لَهُ والدان فَإِنَّهُ يُؤمر ببرهما وَيكون بذلك أفضل مِمَّن لم يعْمل مثل عمله كَمَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حق المتصدقين بِفُضُول أَمْوَالهم المشاركين لغَيرهم فِي الْأَعْمَال البدينة ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء فَهَؤُلَاءِ المفضلون الإقتصار على مَا دون هَذِه الْأُمُور سيئات فِي حَقهم وحسنات لمن لَيْسَ مثلهم فِي ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>