للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و " الْعقل الصَّرِيح " يدل على ذَلِك فَإِن الْمَعْدُوم لَا يرى وَلَا يسمع بِصَرِيح الْعقل واتفاق الْعُقَلَاء؛ لَكِن قَالَ من قَالَ من " السالمية ": إِنَّه يسمع وَيرى مَوْجُودا فِي علمه لَا مَوْجُودا بَائِنا عَنهُ وَلم يقل أحد: إِنَّه يسمع وَيرى بَائِنا عَن الرب. فَإِذا خلق الْعباد وَعمِلُوا وَقَالُوا؛ فإمَّا أَن نقُول: إِنَّه يسمع أَقْوَالهم وَيرى أَعْمَالهم؛ وَإِمَّا لَا يرى وَلَا يسمع. فَإِن نفي ذَلِك تَعْطِيل لهاتين الصفتين وَتَكْذيب لِلْقُرْآنِ وهما صفتا كَمَال لَا نقص فِيهِ فَمن يسمع ويبصر أكمل مِمَّن لَا يسمع وَلَا يبصر.

والمخلوق يَتَّصِف بِأَنَّهُ يسمع ويبصر فَيمْتَنع اتصاف الْمَخْلُوق بِصِفَات الْكَمَال دون

الْخَالِق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقد عَابَ الله تَعَالَى من يعبد من لَا يسمع وَلَا يبصر فِي غير مَوضِع؛ وَلِأَنَّهُ حَيّ والحي إِذا لم يَتَّصِف بِالسَّمْعِ وَالْبَصَر اتّصف بضد ذَلِك وَهُوَ الْعَمى والصمم وَذَلِكَ مُمْتَنع وَبسط هَذَا لَهُ مَوضِع آخر.

وَإِنَّمَا " الْمَقْصُود هُنَا " أَنه إِذا كَانَ يسمع ويبصر الْأَقْوَال والأعمال بعد أَن وجدت؛ فإمَّا أَن يُقَال: إِنَّه تجدّد شَيْء، وَإِمَّا أَن يُقَال: لم يَتَجَدَّد شَيْء، فَإِن كَانَ لم يَتَجَدَّد، وَكَانَ لَا يسْمعهَا وَلَا يبصرها، فَهُوَ بعد أَن خلقهَا لَا يسْمعهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>