فَلم يقل إِبْرَاهِيم: {لَا أحب الآفلين} ، حَتَّى أفل وَغَابَ عَن الْأَبْصَار، فَلم يبْق مرئيا وَلَا مشهودا، فَحِينَئِذٍ قَالَ: {لَا أحب الآفلين} . وَهَذَا يَقْتَضِي أَن كَونه متحركا منتقلا تقوم بِهِ الْحَوَادِث؛ بل كَونه جسما متحيزا تقوم بِهِ الْحَوَادِث لم يكن دَلِيلا عِنْد إِبْرَاهِيم على نفي محبته.
فَإِن كَانَ إِبْرَاهِيم إِنَّمَا اسْتدلَّ " بالأفول " على أَنه لَيْسَ رب الْعَالمين - كَمَا زَعَمُوا -: لزم من ذَلِك أَن يكون مَا تقدم الأفول - من كَونه متحركا منتقلا - تحله الْحَوَادِث؛ بل وَمن كَونه جسما متحيزا: لم يكن دَلِيلا عِنْد إِبْرَاهِيم على أَنه لَيْسَ بِرَبّ الْعَالمين وَحِينَئِذٍ فَيلْزم أَن تكون قصَّة إِبْرَاهِيم حجَّة على نقيض مطلوبهم؛ لَا على نفس مطلوبهم. وَهَكَذَا نجد أهل الْبدع لَا يكادون يحتجون " بِحجَّة " سمعية وَلَا عقلية إِلَّا وَهِي عِنْد التَّأَمُّل حجَّة عَلَيْهِم؛ لَا لَهُم.
وَلَكِن " إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام " لم يقْصد بقوله {هَذَا رَبِّي} إِنَّه رب الْعَالمين وَلَا كَانَ أحد من قومه يَقُول: إِنَّه رب الْعَالمين، حَتَّى يرد ذَلِك عَلَيْهِم؛ بل كَانُوا مُشْرِكين مقرين بالصانع؛ وَكَانُوا يتخذون الْكَوَاكِب وَالشَّمْس وَالْقَمَر أَرْبَابًا يدعونها من دون الله ويبنون لَهَا الهياكل وَقد صنفت فِي مثل مَذْهَبهم كتب، مثل كتاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute