وَأما التَّرْجِيح بِمُجَرَّد الِاخْتِيَار بِحَيْثُ إِذا تكافأت عِنْده الْأَدِلَّة يرجح بِمُجَرَّد إِرَادَته واختياره. فَهَذَا لَيْسَ قَول أحد من أَئِمَّة الْإِسْلَام وَإِنَّمَا هُوَ قَول طَائِفَة من أهل الْكَلَام وَلَكِن قَالَه طَائِفَة من الْفُقَهَاء فِي الْعَاميّ المستفتي: إِنَّه يُخَيّر بَين الْمُفْتِينَ الْمُخْتَلِفين.
وَهَذَا كَمَا أَن طَائِفَة من السالكين إِذا اسْتَوَى عِنْده الْأَمْرَانِ فِي الشَّرِيعَة رجح بِمُجَرَّد ذوقه وإرادته فالترجيح بِمُجَرَّد الْإِرَادَة الَّتِي لَا تستند إِلَى أَمر علمي بَاطِن وَلَا ظَاهر لَا يَقُول بِهِ أحد من أَئِمَّة الْعلم والزهد. فأئمة الْفُقَهَاء والصوفية لَا يَقُولُونَ هَذَا. لَكِن من جوز لمجتهد أَو مقلد التَّرْجِيح بِمُجَرَّد اخْتِيَاره وإرادته فَهُوَ نَظِير من شرع للسالك التَّرْجِيح بِمُجَرَّد إِرَادَته وذوقه.
لَكِن قد يُقَال: الْقلب الْمَعْمُور بالتقوى إِذا رجح بإرادته فَهُوَ تَرْجِيح شَرْعِي. وعَلى هَذَا التَّقْدِير لَيْسَ من هَذَا فَمن غلب على قلبه إِرَادَة مَا يُحِبهُ الله وبغض مَا يكرههُ إِذا لم يدر فِي الْأَمر الْمعِين هَل هُوَ مَحْبُوب لله أَو مَكْرُوه وَرَأى قلبه يُحِبهُ أَو يكرههُ كَانَ هَذَا تَرْجِيحا عِنْده. كَمَا لَو أخبرهُ من صدقه أغلب من كذبه فَإِن التَّرْجِيح بِخَبَر هَذَا عِنْد انسداد وُجُوه التَّرْجِيح تَرْجِيح بِدَلِيل شَرْعِي.
فَفِي " الْجُمْلَة " مَتى حصل مَا يظنّ مَعَه أَن أحد الْأَمريْنِ أحب إِلَى الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute