للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (أَيْضا) فَإِذا كَانَت الْأُمُور الكونية قد تنكشف للْعَبد الْمُؤمن يَقِينا أَو ظنا فالأمور الدِّينِيَّة كَذَلِك بطرِيق الأولى فَإِنَّهُ إِلَى كشفها أحْوج لَكِن هَذَا فِي الْغَالِب لَا بُد أَن يكون كشفا بِدَلِيل وَقد يكون بِدَلِيل ينقدح فِي قلب الْمُؤمن وَلَا يُمكنهُ التَّعْبِير عَنهُ وَهَذَا أحد مَا فسر بِهِ معنى " الِاسْتِحْسَان ".

وَقد قَالَ من طعن فِي ذَلِك - كَأبي حَامِد وَأبي مُحَمَّد -: مَا لَا يعبر عَنهُ فَهُوَ هوس وَلَيْسَ كَذَلِك؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ كل أحد يُمكنهُ إبانة الْمعَانِي الْقَائِمَة بِقَلْبِه، وَكثير من النَّاس يبينها بَيَانا نَاقِصا وَكثير من أهل الْكَشْف يلقى فِي قلبه أَن هَذَا الطَّعَام حرَام أَو أَن هَذَا الرجل كَافِر أَو فَاسق من غير دَلِيل ظَاهر وَبِالْعَكْسِ قد يلقى فِي قلبه محبَّة شخص وَأَنه ولي لله أَو أَن هَذَا المَال حَلَال.

وَلَيْسَ الْمَقْصُود هُنَا بَيَان أَن هَذَا وَحده دَلِيل على الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة؛ لَكِن إِن مثل هَذَا يكون تَرْجِيحا لطَالب الْحق إِذا تكافأت عِنْده الْأَدِلَّة السمعية الظَّاهِرَة. فالترجيح بهَا خير من التَّسْوِيَة بَين الْأَمريْنِ المتناقضين قطعا فَإِن

<<  <  ج: ص:  >  >>