كثير مِمَّن يعلم الْمَشْرُوع لَا يَفْعَله وَلَا يقْصد أحب الْأُمُور إِلَى الله، وَكثير مِنْهُم يَفْعَله بشوب من الْهوى فَيبقى هَذَا يفعل الْمَشْرُوع بهوى، وَهَذَا يتْرك مَا لم يعلم أَنه مَشْرُوع بِلَا هوى. فَهَذَا نقص فِي الْعلم، وَذَاكَ نقص فِي الْعَمَل؛ إِذْ الْعَمَل بهوى النَّفس نقص فِي الْعَمَل وَلَو كَانَ الْمَفْعُول وَاجِبا.
فَيُقَال: إِن تَابَ صَاحب الْهوى من هَوَاهُ كَانَ أرفع بِعِلْمِهِ وَإِن لم يتب فَلهُ نصيب من عَالم السوء.
وَلِهَذَا تشاجر رجلَانِ من الْمُتَقَدِّمين عَام الْحكمَيْنِ فِي مثل هَذَا. فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: إِنَّمَا مثلك مثل الْكَلْب؛ إِن تحمل عَلَيْهِ يَلْهَث أَو تتركه يَلْهَث. وَقَالَ الآخر: أَنْت كالحمار يحمل أسفارا؛ فَهَذَا أحسن قصدا وَأقوى علما.
وَلِهَذَا تَجِد أَصْحَاب حسن الْقَصْد إِنَّمَا يعيبون على هَؤُلَاءِ اتِّبَاع الْهوى وَحب الدُّنْيَا والرئاسة، وَأهل الْعلم يعيبون على أُولَئِكَ نقص علمهمْ بِالشَّرْعِ، وعدولهم عَن الْأَمر وَالنَّهْي فَهَذَا هَذَا.
وَالله هُوَ الْمَسْئُول أَن يهدينا إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أنعم عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا.
وَقد قَالَ بعض (أهل الْفِقْه والزهد) : من النَّاس من سلك " الشَّرِيعَة " وَمِنْهُم من سلك " الْحَقِيقَة ". وَلَعَلَّه أَرَادَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء؛ فَإِن هَؤُلَاءِ يرجحون بِمَا ييسره الله،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute