للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا وَلم يقل لعدمتا إِذْ هُوَ قَادر على أَن يبقيها على وجهة الْفساد لَكِن لَا يُمكن أَن تكون صَالِحَة إِلَّا أَن يعبد الله وَحده لَا شريك لَهُ فَإِن صَلَاح الْحَيّ إِنَّمَا هُوَ صَلَاح مَقْصُوده وَمرَاده وَصَلَاح الْأَعْمَال والحركات بصلاح إرادتها ونياتها

وَلِهَذَا كَانَ من أجمع الْكَلَام وأبلغه قَوْله إِنَّمَا الإعمال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوي وَهَذَا يعم كل عمل وكل نِيَّة

فَكل عمل فِي الْعَالم هُوَ بِحَسب نِيَّة صَاحبه وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ إِلَّا مَا نَوَاه وقصده وأحبه وأراده بِعَمَلِهِ لَيْسَ فِي ذَلِك تَخْصِيص وَلَا تَقْيِيد كَمَا يَظُنّهُ طوائف من النَّاس حَيْثُ يحسبون أَن النِّيَّة المُرَاد بِهِ النِّيَّة الشَّرْعِيَّة الْمَأْمُور بهَا فيحتاجون أَن يحصروا الْأَعْمَال بِالْأَعْمَالِ الشَّرْعِيَّة فَإِن النِّيَّة مَوْجُودَة لكل متحرك كَمَا قَالَ النَّبِي فِي الحَدِيث الصَّحِيح أصدق الْأَسْمَاء الْحَارِث وَهَمَّام فالحارث هُوَ الْعَامِل الكاسب والهمام هُوَ القاصد المريد وكل إِنْسَان متحرك بإرادته حَارِث همام

<<  <  ج: ص:  >  >>