للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكرُوهُ إِنَّمَا هُوَ من جِهَة الْعلَّة الفاعلية وَبَعض المخلوقين كَذَلِك يجعلونه من جِهَة الْعلَّة الغائية وَهَذَا غلط

فَلَا يصلح أَن يكون شَيْء من الْمَخْلُوقَات عِلّة فاعلية وَلَا غائية إِذْ لَا يسْتَقلّ مَخْلُوق بِأَن يكون عِلّة تَامَّة قطّ وَلِهَذَا لم يصدر عَن مَخْلُوق وَاحِد شَيْء قطّ وَلَا يصدر شَيْء فِي الْآثَار إِلَّا عَن اثْنَيْنِ من الْمَخْلُوقَات كَمَا قد بَينا هَذَا فِي غير هَذَا الْمَوْضُوع

وَكَذَلِكَ لَا يصلح شَيْء من الْمَخْلُوقَات أَن يكون عِلّة غائية تَامَّة إِذْ لَيْسَ فِي شَيْء من الْمَخْلُوقَات كَمَال مَقْصُود حَتَّى من الْأَحْيَاء فالمخلوقات بأسرها يجْتَمع فِيهَا هَذَانِ النُّقْصَان أَحدهمَا أَنه لَا يصلح شَيْء مِنْهَا أَن تكون عِلّة تَامَّة لَا فاعلية وَلَا غائية وَالثَّانِي أَن مَا كَانَ فِيهَا عِلّة فَلهُ عِلّة سَوَاء كَانَ عِلّة فاعلية أَو غائية

فَالله سُبْحَانَهُ رب كل شَيْء ومليكه وَهُوَ رب الْعَالمين لَا رب لشَيْء من الْأَشْيَاء إِلَّا هُوَ وَهُوَ إِلَه كل شَيْء وَهُوَ فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الأَرْض إِلَه وَهُوَ الله فِي السَّمَوَات وَفِي الأَرْض لَو كَانَ فيهمَا إلهة إِلَّا الله لفسدتا وَمَا من إِلَه إِلَّا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا

فعبادة الْمَخْلُوقَات وتسبيحها هُوَ من جِهَة إلاهيته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهُوَ الْغَايَة الْمَقْصُودَة مِنْهَا وَلها

<<  <  ج: ص:  >  >>