وَسبب مَا ذكرنَا أَن الله خلق عباده لعبادته الَّتِي تجمع محبته وتعظيمه فَإِذا كَانَ فِي الْقلب مَا يجد حلاوته من الْإِيمَان والتوحيد لَهُ احْتَاجَ إِلَى أَن يسْتَبْدل بذلك مَا يهواه فيتخذ إلهه هَوَاهُ فيتخذ الشَّيْطَان وَذريته أَوْلِيَاء من دون الله وهم لَهُم عَدو بئس للظالمين بَدَلا
وَلِهَذَا كَانَ هَذَا وَنَحْوه من تَبْدِيل الدَّين وتغيير فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا قَالَ تَعَالَى فأقم وَجهك للدّين حَنِيفا فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدَّين الْقيم وَقَالَ تَعَالَى وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد ضل ضلالا بَعيدا إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يدعونَ إِلَّا شَيْطَانا مرِيدا لَعنه الله وَقَالَ لأتخذن من عِبَادك نَصِيبا مَفْرُوضًا ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الْأَنْعَام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله
قَالَ تَعَالَى لَا تَبْدِيل لخلق الله وَنَفس مَا خلقه الله لَا تَبْدِيل لَهُ لَا يُمكن أَن تُوجد الْمَخْلُوقَات على غير مَا يخلقه الله عَلَيْهَا وَلَا أَن تخلق على غير الْفطْرَة الَّتِي خلقهَا الله عَلَيْهَا لَكِن بعض الْخلق قد يُغير بَعْضهَا كَمَا قَالَ النَّبِي كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تُحِسُّونَ فِيهَا من جَدْعَاء