قَالَ تَعَالَى وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله أَي يحبونهم كَمَا يحبونَ الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله مِنْهُم لأَنهم أَخْلصُوا لله فَلم يجْعَلُوا الْمحبَّة مُشْتَركَة بَينه وَبَين غَيره فَإِن الِاشْتِرَاك فِيهَا يُوجب نَقصهَا وَالله لَا يتَقَبَّل ذَلِك كَمَا فِي الحَدِيث الصَّحِيح يَقُول الله تَعَالَى أَنا أُغني الشُّرَكَاء عَن الشّرك فَمن عمل عملا أشرك فِيهِ غَيْرِي فَأَنا مِنْهُ بَرِيء وَهُوَ كُله للَّذي أشرك
فالمؤمن الَّذِي يكون الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا لَا بُد أَن يكون مَا أحبه الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا لم يُحِبهُ الله وَرَسُوله وَأَن يبغض مَا يبغضه الله وَرَسُوله فَلَا يكون ذَلِك البغيض أحب إِلَيْهِ من مَحْبُوب الله وَرَسُوله
وَالْحب التَّام منا مُسْتَلْزم للإرادة التَّامَّة الْمُوجبَة للْفِعْل مَعَ الْقُدْرَة والبغض التَّام منا مُسْتَلْزم للكراهة التَّامَّة الْمَانِعَة للقدرة فَإِذا كَانَ العَبْد قَادِرًا على محبات الْحق وَلَا يَفْعَلهَا فلضعف محبتها فِي قلبه أَو وجود مَا يُعَارض الْحق مثل محبته لأَهله وَمَاله فَإِن ذَلِك قد يمنعهُ عَن فعل مَحْبُوب الْحق