وَقَالَ تَعَالَى وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين الَّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل
وَإِذا كَانَ لَا بُد فِي كل مَا يشتركون فِيهِ من تحالف وَغير تحالف من التعاون على جلب المحبوب والتناصر لدفع الْمَكْرُوه فالمحبوب هُوَ الموَالِي وَالْمَكْرُوه هُوَ المعادي فَلَا بُد لكل بني آدم من ولَايَة وعداوة وَلِهَذَا جَمِيعهم يتمادحون بالشجاعة والسماحة فَإِن السماحة إِعَانَة على وجود المحبوب بالأموال وَالْمَنَافِع وَغير ذَلِك والشجاعة نصر لدفع الْمَكْرُوه بِالْقِتَالِ وَغَيره وَلَا قوام لشَيْء من أُمُور بني آدم إِلَّا بذلك ومبني ذَلِك بَينهم على الْعدْل فِي المشاركات والمعاوضات
فَظهر أَن جَمِيع أُمُور بني آدم لَا بُد فِيهَا من تعاون بَينهم وَدفع وَمنع لغَيرهم فَلَا بُد لَهُم من عقد وقدرة وَالْعقد أَصله الْإِرَادَة كَمَا قَالَ تَعَالَى وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ أى يتعاهدون ويتعاقدون وَالْقُدْرَة الْقُدْرَة
وَمَعْلُوم أَنه لَا بُد فِي كل فعل من إِرَادَة وقدرة والمشتركون لَا بُد من اتِّفَاقهم فِي إِرَادَة وَفِي قدرَة فَالَّذِي يَنَالهُ بَعضهم من جلب مَحْبُوب وَدفع مَكْرُوه من بعض هُوَ بالإرادة والطوع وَالَّذِي ينالونه من غَيرهم من جلب مَحْبُوب وَدفع مَكْرُوه وَهُوَ بِالْقُدْرَةِ على ذَلِك الْعَدو الْمَكْرُوه مِنْهُ كَمَا أَن الْوَطْء بِملك النِّكَاح الَّذِي هُوَ عقد أَصله الْإِرَادَة والطوع وبملك الْيَمين الَّذِي هُوَ قهر بِالْقُدْرَةِ على سَبِيل الكره واشتراكهم فِي الجلب وَالدَّفْع إِمَّا أَن يكون تبعا لتعاقدهم وَإِمَّا أَن