للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمن الْمَعْلُوم أَن العَبْد وَإِن أقرّ بِالآخِرَة فَهُوَ يطْلب حسن عَاقِبَة الدُّنْيَا فقد يطْلب مَا لَا بُد مِنْهُ من دفع الضَّرَر وجلب الْمَنْفَعَة وَقد يطْلب من زِيَادَة النَّفْع وَدفع الضَّرَر مَا يظنّ أَنه مُبَاح فَإِذا اعْتقد أَن الدَّين الْحق قد يُنَافِي ذَلِك لزم من ذَلِك إِعْرَاض الْقلب عَن الرَّغْبَة فِي كَمَال الدَّين الْحق وَفِي حَال السَّابِقين والمقربين بل قد يعرض عَن حَال الْمُقْتَصِدِينَ أَصْحَاب الْيَمين فَيدْخل مَعَ الظَّالِمين بل قد يكفر وَيصير من الْمُرْتَدين الْمُنَافِقين أَو المعلنين بالْكفْر وَإِن لم يكن هَذَا فِي أصل الدَّين كَانَ فِي كثير من أُصُوله وفروعه كَمَا قَالَ النبى يصبح الرجل مُؤمنا ويمسى كَافِرًا أَو يمسى مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا يَبِيع دينه بِعرْض من الدُّنْيَا وَذَلِكَ إِذا اعْتقد أَن الدَّين لَا يحصل إِلَّا بِفساد دُنْيَاهُ وَلذَلِك فَإِنَّهُ يفرح بِحُصُول الضَّرَر لَهُ ويرجو ثَوَاب ضيَاع مَا لَا بُد لَهُ من الْمَنْفَعَة

وَهَذِه الْفِتْنَة الَّتِى صدت أَكثر بنى آدم عَن تَحْقِيق الدَّين وَأَصلهَا الْجَهْل بِحَقِيقَة الدَّين وبحقيقة النَّعيم الَّذِي هُوَ مَطْلُوب النُّفُوس فِي كل وَقت إِذْ قد ذكرنَا أَن كل عمل فَلَا بُد فِيهِ من إِرَادَة بِهِ لطلب مَا ينعم فهناك عمل يطْلب بِهِ النَّعيم وَلَا بُد أَن يكون الْمَرْء عَارِفًا بِالْعَمَلِ الذى يعمله وبالنعيم الَّذِي يَطْلُبهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>