للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْكفَّار لم يدخلُوا فِي هَذَا الْعُمُوم فَعلم أَنهم خارجون عَن النِّعْمَة وَقَالَ تَعَالَى فِي خطابه للْمُؤْمِنين كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم وَقَالَ تَعَالَى واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم وميثاقه الَّذِي واثقكم بِهِ وَقَالَ تَعَالَى كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم واشكروا لله

وَأما الْكفَّار فَخُوطِبُوا بهَا من جِهَة مَا هِيَ تنعم وَلَذَّة وسرور وَلم تسم فِي حَقهم نعْمَة على الْخُصُوص وَإِنَّمَا تسمي نعْمَة بِاعْتِبَار أَنَّهَا نعْمَة فِي حق عُمُوم بني آدم لِأَن الْمُؤمن سعد بهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْكَافِر ينعم بهَا فِي الدُّنْيَا

وَذَلِكَ أَن كفر الْكَافِر نعْمَة فِي حق الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُ لَوْلَا وجود الْكفْر والفسوق والعصيان لم يحصل جِهَاد الْمُؤمنِينَ للْكفَّار وَأمرهمْ الْفُسَّاق والعصاة بِالْمَعْرُوفِ ونهيهم إيَّاهُم عَن الْمُنكر وَلَوْلَا وجود شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ لم يحصل للْمُؤْمِنين من بعض هَذِه الْأُمُور ومعاداتها ومجاهداتها وَمُخَالفَة الْهوى فِيهَا مَا ينالون بِهِ أَعلَى الدَّرَجَات وَأعظم الثَّوَاب

والأنسان فِيهِ قُوَّة الْحبّ والبغض وسعادته فِي أَن يحب مَا يُحِبهُ الله وَيبغض مَا يبغضه الله فَإِن لم يكن فِي الْعَالم مَا يبغضه ويجاهد أَصْحَابه لم يتم إيمَانه وجهاده وَقد قَالَ تَعَالَى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله ثمَّ لم يرتابوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله أُولَئِكَ هم الصادقون

<<  <  ج: ص:  >  >>