للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَقُول ربى أكرمن وَأما إِذا مَا آبتلاه فَقدر عَلَيْهِ رزقه فَيَقُول رَبِّي أهانن كلا فَإِنَّهُ قد أخبر أَنه أكْرمه وَأنكر قَول الْمُبْتَلى رَبِّي أكرمن وَاللَّفْظ الَّذِي أخبر الله بِهِ مثل اللَّفْظ الَّذِي أنكرهُ الله من كَلَام الْمُبْتَلى لَكِن الْمَعْنى مُخْتَلف فَإِن المبتلي اعْتقد أَن هَذِه كَرَامَة مُطلقَة وَهِي النِّعْمَة الَّتِي يقْصد بهَا أَن النعم إكرام لَهُ والإنعام بِنِعْمَة لَا يكون سَببا لعذاب أعظم مِنْهَا وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك بل الله تَعَالَى ابتلاه بهَا ابتلاء ليتبين هَل يطيعه فِيهَا أم يعصيه مَعَ علمه بِمَا سَيكون من الْأَمريْنِ لَكِن الْعلم بِمَا سَيكون شَيْء وَكَون الشَّيْء وَالْعلم بِهِ شَيْء

وَأما قَوْله تَعَالَى فَأكْرمه ونعمه فَإِنَّهُ تكريم بِمَا فِيهِ من اللَّذَّات وَلِهَذَا قرنه بقوله ونعمه وَلِهَذَا كَانَت خوارق الْعَادَات الَّتِي تسميها الْعَامَّة كَرَامَة لَيست عِنْد أهل التَّحْقِيق كَرَامَة مُطلقًا بل فِي الْحَقِيقَة الْكَرَامَة هِيَ لُزُوم الاسْتقَامَة وهى طَاعَة الله وَإِنَّمَا هِيَ مِمَّا يَبْتَلِي الله بِهِ عَبده فَإِن أطاعه بهَا رَفعه وَإِن عَصَاهُ بهَا خفضه وَإِن كَانَت من آثَار طَاعَة أخري كَمَا قَالَ تَعَالَى وألو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم مَاء غدقا لنفتنهم فِيهِ وَمن يعرض عَن ذكر ربه يسلكه عذَابا صعدا

<<  <  ج: ص:  >  >>