للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَمن لم يَتَّصِف بِحَقِيقَة الْإِيمَان هُوَ إِمَّا قَادر وَإِمَّا عَاجز فَإِن كَانَ قَادِرًا أظهر مَا فِي نَفسه بِحَسب قدرته من الْفَوَاحِش وَالْإِثْم وَالْبَغي والإشراك بِاللَّه وَالْقَوْل عَلَيْهِ بِغَيْر علم وَمن ترك الْقسْط وَترك إِقَامَة الْوَجْه عِنْد كل مَسْجِد وَدُعَاء الله مخلصا لَهُ الدَّين ثمَّ يكون شرهم بِحَسب كل مِنْهُم من حَيْثُ نُفُوسهم وقدرتهم فَإِن العَبْد لَا يفعل إِلَّا بقدرة وَإِرَادَة فَمن كَانَ أقدر وأفجر كَانَ أمره أَشد كفرعون وَأَمْثَاله من الجبارين المتكبرين لَا يصبرون عَن أهوائهم وَلَا يَتَّقُونَ الله

وَأما الْمُؤمن فَإِنَّهُ مَعَ قدرته يفعل مَا أَمر الله بِهِ من الْبر وَالتَّقوى دون مَا نهي عَنهُ من الْإِثْم والعدوان

ثمَّ أُولَئِكَ الَّذين لم يتصفوا بِحَقِيقَة الْإِيمَان بل فيهم من الْفُجُور كفر أَو نفاق أَو فسوق مَا فيهم إِذا كَانُوا عاجزين عَن إرادتهم لَا يقدرُونَ على أهوائهم بِنَوْع من أَنْوَاع الْقُدْرَة تجدهم أذلّ النَّاس وأطوع النَّاس لمن يستعملهم فِي أغراضهم وأجزع النَّاس لما أَصَابَهُم ذَلِك أَنه لَيْسَ فِي قُلُوبهم من الْإِيمَان مَا يعتاضون بِهِ وتستغني بِهِ نُفُوسهم ويصبرون بِهِ عَمَّا لَا يصلح لَهُم

وَهَذِه حَال الْأُمَم الْبَعِيدَة عَن الْعلم وَالْإِيمَان كالترك التتار وَالْعرب فِي جاهليتهم فَإِنَّهُم أعز النَّاس إِذا قدرُوا وأذل النَّاس إِذا قهروا

<<  <  ج: ص:  >  >>