لو قالوا أنها في حق عيسى عليه السلام، وسترى أيضاً أن صدقها في حق محمد صلى الله عليه وسلم أليق من صدقها في حق عيسى عليه السلام، فادعاؤنا أحق من ادعائهم.
(الأمر السادس) مؤلفوا العهد الجديد باعتقاد المسيحيين ذوو إلهام وقد نقلوا الإخبارات في حق عيسى عليه السلام فيكون هذا النقل على زعمهم بالإلهام، فأذكر نبذاً منها بطريق الأنموذج ليقيس المخاطب حال هذه الإخبارات بالإخبارات التي أنقلها في هذا المسلك في حق محمد صلى الله عليه وسلم، وإن سلك أحد من القسيسين مسلك الاعتساف وتصدى لتأويل الإخبارات التي أنقلها في هذا المسلك يجب عليه أن يوجه أولاً الإخبارات التي نقلها مؤلفوا العهد الجديد في حق عيسى عليه السلام، ليظهر للمنصف اللبيب حال الإخبارات التي نقلها الجانبان، ويقابلهما باعتبار القوة والضعف وإن غمض النظر عن توجيه الإخبارات العيسوية التي نقلها المؤلفون المذكورون.
وأول الإخبارات المحمدية التي أنقلها في هذا المسلك يكون محمولاً على عجزه وتعصبه، لأنك قد علمت في الأمر الثاني والخامس أن المعاند له مجال واسع للتأويل في أمثال هذه الإخبارات، وإنما اكتفيت على نبذ مما نقله مؤلفو العهد الجديد، لأنه إذا ظهر أن البعض منها غلط يقيناً، والبعض منها محرف، والبعض منها لا يصدق على عيسى عليه السلام إلا بالادعاء البحت والتحكم الصرف، ظهر أن حال الإخبارات الأخر التي نقلها المسيحيون الذين ليسوا ذوي إلهام ووحي، يكون أسوأ، فلا حاجة إلى نقلها.