(الشبهة الثانية) أن القرآن مخالف لكتب العهد العتيق والجديد في مواضع، فلا يكون كلام الله.
والجواب: أولاً - أن هذه الكتب لما لم تثبت أسانيدها المتصلة إلى مصنفيها وكذا لم يثبت أن كل كتاب منها إلهامي قد ثبت أنها مختلفة اختلافاً معنوياً في مواضع كثيرة ومملوءة بالأغلاط الكثيرة يقيناً - كما عرفت هذه الأمور في الباب الأول - وقد ثبت التحريف فيها أيضاً كما عرفت في الباب الثاني فلا تضر مخالفتها القرآن في المواضع المذكورة، بل تكون دليلاً على كون المواضع المذكورة غلطاً أو محرفة في الكتب المذكورة كسائر الأغلاط والتحريفات التي عرفتها في البابين الأولين، وقد عرفت في الأمر الرابع من الفصل الأول من هذا الباب أن هذه المخالفة قصدية لأجل التنبيه على أن ما خالف القرآن غلط أو محرف لا أنها سهوية. (والجواب الثاني) أن المخالفة التي بين القرآن وبين كتب العهدين في ذم القسيسين على ثلاثة أنواع: (الأول) باعتبار الأحكام المنسوخة. (والثاني) باعتبار بعض الحالات التي جاء ذكرها في القرآن لا يوجد ذكرها في العهدين. (والثالث) باعتبار أن بيان بعض الحالات في القرآن يخالف بيان هذه الكتب، ولا مجال لهم أن يطعنوا على القرآن باعتبار هذه الأنواع.
(أما الأول) فلأنك قد عرفت في الباب السادس بما لا مزيد عليه أن النسخ لا يختص بالقرآن، بل وجد في الشرائع السابقة بالكثرة، وأنه لا استحالة