الدليل الثالث: في الآية الثلاثين من الباب العاشر من إنجيل يوحنا هكذا: (أنا والأب واحد) فهذا يدل على اتحاد المسيح بالله. أقول هذا الاستدلال غير صحيح بوجهين:(الأول) : أن المسيح عليه السلام عندهم أيضاً إنسان ذو نفس ناطقة، وليس بمتحد بهذا الاعتبار. فيحتاجون إلى التأويل فيقولون: كما أنه إنسان كامل فكذلك إله كامل، فبالاعتبار الأول مغاير، وبالاعتبار الثاني متحد. وقد عرفت أن هذا التأويل باطل. (والثاني) : إن مثل هذا وقع في حق الحواريين في الباب السابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا ٢١: (ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الأب فيّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني) ٢٢ (وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد) ٣٣ (أنا فيهم وأنت فيّ ليكونوا مكملين إلى واحد) . فقوله ليكون الجميع واحداً وقوله [ص ٢٠] ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد. وقوله يكونوا مكملين إلى واحد، تدل على اتحادهم. وسوّى في القول الثاني بين اتحاده بالله وبين اتحاده فيما بينهم. وظاهر أن اتحاده فيما بينهم ليس حقيقياً، فكذا اتحاده بالله، بل الحق أن الاتحادبالله عبارة عن إطاعة أحكامه والعمل بالأعمال الصالحة، وفي نفس هذا الاتحاد المسيح والحواريون وجميع أهل الإيمان متساوية الأقدام، وإنما الفرق باعتبار القوة والضعف، فاتحاد المسيح بهذا المعنى أشد وأقوى من اتحاد غيره. والدليل على كون الاتحاد عبارة عن هذا المعنى قول يوحنا في الباب الأول من رسالته الأولى وهو هكذا ٥: (وهذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به أن الله نور