وإن الواحد الحقيقي جزء الثلاثة فلو اجتمعا في محل واحد يلزم كون الجزء كلاً والكل جزءاً وأن هذا الاجتماع يستلزم كونَ الله مركّباً من أجزاء غير متناهية بالفعل لاتحاد حقيقة الكل والجزء على هذا التقدير، والكل مركب، فكل جزء من أجزائه أيضاً مركب من الأجزاء التي تكون عين هذا الجزء وهلم جرّا، وكون الشيء مركّباً من أجزاء غير متناهية بالفعل باطل قطعاً، وأن هذا الاجتماع يستلزم كون الواحد ثُلث نفسه وكون الثلاثة ثلاثة أمثال نفسها، والواحد ثلاثة أمثال الثلاثة.
(البرهان الثاني) لو وُجِد في ذات الله ثلاثة أقانيم ممتازة بامتياز حقيقي كما قالوا فمع قطع النظر عن تعدد الوجباء يلزم أن لا يكون الله حقيقة محصَّلة بل مركباً اعتبارياً فإن التركيب الحقيقي لا بد فيه من الافتقار بين الأجزاء، فإن الحجر الموضوع يجنب الإنسان لا يحصل منهما أحدية، ولا افتقار بين الواجبات، لأنه من خواص الممكنات، فالواجب لا يفتقر إلى الغير وكل جزء منفصل عن الآخر وغيرُه وإن كان داخلاً في المجموع، فإذا لم يفتقر بعض الأجزاء إلى بعض آخر لم تتألف منها الذات الأحدية، على أنه يكون الله في الصورة المذكورة مركباً، وكل مركب يفتقر في تحققه إلى تحقق كل واحد من أجزائه، والجزء غير الكل بالبداهة، فكل مركب مفتقر إلى غيره، وكل مفتقر إلى غيره ممكن لذاته فيلزم أن يكون الله ممكناً لذاته وهذا باطل.