فهذه الأخبار وأمثالها تدل على كون القرآن كلام الله، لأن عادة الله جارية على أن مدعي النبوة لو أخبر عن شيء ونسب إلى الله كذباً لا يخرج خبره صحيحاً. في الباب الثامن عشر من كتاب الاستثناء هكذا:(فإن أحببت وقلت في قلبك كيف أستطيع أن أميز الكلام الذي لم يتكلم به الرب) . ٢٢- فهذه تكون لك آية أن ما قاله ذلك النبي باسم الرب ولم يحدث فهذا الرب لم يكن تكلم به، بل ذلك النبي صوره في تعظيم نفسه ولذلك لا تخشاه) .
(الأمر الرابع) ما أخبر من أخبار القرون السالفة والأمم الهالكة، وقد علم أنه كان أمياً ما قرأ ولا كتب ولا اشتغل بمدارسة مع العلماء ولا مجالسة مع الفضلاء، بل تربى بين قوم كانوا يعبدون الأصنام ولا يعرفون الكتاب، وكانوا عارين عن العلوم العقلية أيضاً، ولم يغب عن قومه غيبة يمكن له التعلم فيها من غيرهم، والمواضع التي خالف القرآن فيها في بيان القصص والحالات المذكورة [في] كتب أهل الكتاب كقصة صلب المسيح عليه السلام وغيرها فهذه لمخالفة قصدية: إما لعدم كون بعض هذه الكتب أصلية كالتوراة والإنجيل المشهورين، وإما لعدم كونها إلهامية، ويدل على ما ذكرت قوله تعالى:{إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} .