وإن قلتم: إن المحرف إذا حرف فَلِمَ لَمْ يحرف الكلام كله، قلت: نحن نرى في محكمات العدالة دائماً أن القبالجات المحرفة يثبت تحريف الألفاظ المحرفة فيها من مواضع أخرى منها غالباً، وأن شهود الزور يؤخذون ببعض بياناتهم، فالوجه الوجيه على أن عادة الله جارية بأنه لا يهدي كيد الخائنين ويظهر خيانة خائن الدين بمقتضى مرحمته، فبمقتضى هذه العادة يصدر عن الخائن شيء ما تظهر به خيانته، على أنه لا توجد ملة يكون أهلها كلهم خائنين، فالخائنون الذين حرفوا كتب العهدين كان لهم لحاظ ما من جانب بعض المتدينين فلذلك ما بدلوا الكل، انتهى.
أقول هذا الجواب بالنسبة إلى عادة أهل الكتاب النسيب كما عرفت في الأمر السابع وأقول في (الجواب) عن الاعتراض الثاني أن آية الإنجيل هكذا: (لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني) وليس فيها تصريح بأن موسى عليه السلام كتب في حقه في المواضع الفلاني، بل المفهوم منه أن موسى كتب في حقه، وهذا يصدق إذا وجد في موضع من مواضع التوراة إشارة إليه، ونحن نسلم هذا الأمر كما ستعرف في ذيل بيان البشارة الثالثة، لكنا ننكر أن يكون قوله إشارة إلى هذه البشارة للوجوه التي عرفتها وقد ادعى هذا المعترض في الفصل الثالث من الباب الثالث من الباب الثاني من الميزان أن