فخاطب الله مكة آمراً لها بالتسبيح والتهليل وإنشاد الشكر، لأجل أن كثيرين من أولاد هاجر صاروا أفضل من أولاد سارة، فحصلت الفضيلة لها بسبب حصول الفضيلة لأهلها، ووفى بماوعد بأن بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً أفضل البشر خاتم النبيين من أهلها في أولاد هاجر، وهو المراد بالصائغ الذي ينفخ في النار جمراً، وهو القتول الذي خلق لإهلاك المشركين، وحصل لها السعة بواسطة هذا النبي وما حصل لغيرها من المعابد في الدنيا إذ لا يوجد معبد مثل الكعبة من ظهور محمد صلى الله عليه وسلم إلى هذا الحين، والتعظيم الذي يحصل لها من القرابين في كل سنة من مدة ألف ومائتين وثمانين، لم يحصل لبيت المقدس إلا مرتين، مرة في عهد سليمان عليه السلام لما فرغ من بنائه، ومرة في السنة الثامنة عشر من سلطنة يوشيا، ويبقى هذا التعظيم لمكة إلى آخر الدهر إن شاء الله كما وعد الله بقوله:(لا تخافي لأنك لا تخزين ولا تخجلين لأنك لا تستحين) وبقوله: (برحمات عظيمة أجمعك وبالرحمة الأبدية رحمتك) وبقوله: (حلفت أن لا أغضب عليك وأن لا أوبخك) ، وبقوله:(رحمتي لا تزول عنك وعهد سلامي لا يتحرك) ، وملك زرعها شرقاً وغرباً وورثوا الأمم وعمروا المدن في مدة قليلة لا تتجاوز اثنين وعشرين سنة من الهجرة، ومثل هذه الغلبة في مثل هذه