وأنا أقدم قبل بيان وجه الاستدلال بهذه العبارات أمرين:
الأمر الأول: أنك قد عرفت في الأمر السابع، أن أهل الكتاب سلفاً وخلفاً عادتهم أن يترجموا غالباً الأسماء، وأن عيسى عليه السلام كان يتكلم باللسان العبراني لا باليوناني، فإذاً لا يبقى شك في أن الإنجيلي الرابع ترجم اسم المبشر به باليوناني بحسب عادتهم، ثم مترجمو العربية عربوا اللفظ اليوناني بفارقليط، وقد وصلت إلى رسالة صغيرة في لسان أردو من رسائل القسيسين في سنة ألف ومائتين وثمان وستين من الهجرة، وكانت هذه الرسالة طبعت في كلكته وكانت في تحقيق لفظ فارقليط، وادعى مؤلفها أن مقصوده أن ينبه المسلمين على سبب وقوعهم في الغلط من لفظ فارقليط، وكان ملخص كلامه:(أن هذا اللفظ معرب من اللفظ اليوناني فإن قلنا أن هذا اللفظ اليوناني الأصل باراكلي طوس فيكون بمعنى المعزي والمعين والوكيل، وإن قلنا أن اللفظ الأصل بيركلو طوس يكون قريباً من معنى محمد وأحمد، فمن استدل من علماء الإسلام بهذه البشارة فهم أن اللفظ الأصل بيركلو طوس ومعناه قريب من معنى محمد وأحمد، فادعى أن عيسى عليه السلام أخبر بمحمد أو أحمد لكن الصحيح أنه باراكلي طوس) انتهى ملخصاً من كلامه.
فأقول أن التفاوت بين اللفظين يسير جداً وأن الحروف اليونانية كانت متشابهة، فتبدل بيركلو طوس بياراكلي طوس في بعض النسخ من الكاتب قريب القياس، ثم رجح أهل التثليث المنكرين هذه النسخة على النسخ الأخر، ومن تأمل في الباب الثاني من هذا الكتاب والأمر السابع من هذا المسلك