كان خارجاً عن استطاعتهم. فظهر أن المراد بفارقليط نبي تزاد في شريعته أحكام بالنسبة إلى الشريعة العيسوية ويثقل حملها على المكلفين الضعفاء وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
[١٢] أن عيسى عليه السلام قال: (ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع) .
وهذا يدل على أن فارقليط يكون بحيث يكذبه بنو إسرائيل، فاحتاج عيسى عليه السلام أن يقرر حال صدقه فقال هذا القول، ولا مجال لمظنة التكذيب في حق الروح النازل يوم الدار، على أن هذا الروح عندهم عين الله فلا معنى لقوله بل يتكلم بما يسمع. فمصداقه محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه كان في حقه مظنة التكذيب وليس هو عين الله وكان يتكلم بما يوحى إليه كما قال الله تعالى:{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} وقال: {إن اتبع إلا ما يوحى إليَّ} .
[١٣] أن عيسى عليه السلام قال: (أنه يأخذ مما هو لي) . وهذا لا يصدق على الروح، لأنه عند أهل التثليث قديم وغير مخلوق وقادر مطلق ليس له كمال منتظر بل كل كمال من كمالاته حاصل له بالفعل، فلا بد أن يكون الموعود به من الجنس الذي يكون له كمال منتظر، ولما كان هذا الكلام موهماً أن يكون هذا النبي مطيعاً لشريعته، دفعه بقوله فيما بعد: