(فليترك المنافق طريقه ورجل السوء أفكاره، وليرجع إلى الرب فيرحمه وإلى آلهنا لأنه كثير الغفران) .
والثاني: أنه كان حكم قتل النساء والصبيان إذا كانوا من الأمم السبعة في الشريعة الموسوية، بخلاف الشريعة المحمدية، فإن هؤلاء لا يقتلون وإن كانوا من مشركي العرب، كما كانوا لا يقتلون في الشريعة الموسوية أيضاً إذا كانوا من غير الأقوام السبعة.
فإذا تمهدت هذه الأمور الخمسة أقول لا شناعة في مسألة الجهاد الإسلامي نقلاً وعقلاً. أما نقلاً فلما عرفته في الأمور المذكورة وأما عقلاً فلأنه قد ثبت بالبرهان الصحيح أن إصلاح القوة النظرية مقدم على إصلاح القوة العملية فإصلاح العقائد مقدم على إصلاح الأعمال، وهذه مقدمة مسلمة عند كافة الملبين، ولذلك لا تفيد الأعمال الصالحة بدون الإيمان عندهم. ولا يعاندنا المسيحيون أيضاً في هذا الباب لأن الأعمال الصالحة بدون الإيمان بالمسيح لا تنجي عندهم أيضاً. وأن الجواد الحليم المتواضع الكافر بعيسى عليه السلام أشر عندهم من البخيل الغضوب المتكبر المؤمن بعيسى عليه السلام. وكذا قد ثبت بالتجربة الصحيحة أن الإنسان قد تنبه على خطأه وقبحه بتنبيه الغير، وكذا قد ثبت بالتجربة الصحيحة أن الإنسان لا يطيع الحق غالباً لأجل وجاهة قومه وشوكتهم، ولا يصغي إلى قول رجل من صنف آخر بل يأنف من سماع كلامه، سيما إذا كان هذا القول مخالفاً لطبائع صنفه وأصولهم، ويكون في قبوله لزوم المشقة في أداء العبادات البدنية والمالية بخلاف ما إذا انكسرت وجاهة قومه وشوكتهم فلا يأنف من الإصغاء،.