(والجواب) أن الصغرى والكبرى كلتاهما غير صحيحتين، فالنتيجة كاذبة يقيناً، وأنا أمهد لتوضيح بطلانهما أموراً خمسة:
(الأمر الأول) أن الله رب وخالق، والخلق كله مربوب ومخلوق، فكل ما صدر عن حضرة الرب الخالق في حق العبد المربوب المخلوق، من الخطاب والعتاب والاستعلاء فهو في محله ومقتضى المالكية والخالقية. وكذا كل ما يصدر عن العباد، من الأدعية والتضرعات إليه، فهو في موقعه أيضاً، ومقتضى المخلوقية والعبودية والأنبياء عباد الله المخلصون، فهم أحق من غيرهم، والحمل على المعنى الحقيقي في كل موضع، من أمثال هذه المواضع، في كلام الله وفي أدعية الأنبياء وتضرعاتهم خطأ وضلال وشواهده كثيرة في كتب العهدين، سيما الزبور. وأنا أنقل على سبيل الأنموذج بعضاً منها:
[١] في الباب العاشر من إنجيل مرقس، والثامن عشر من إنجيل لوقا هكذا: ١٧ (وفيما هو خارج إلى الطريق، ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية) ١٨ (فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحاً ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله) انتهى بعبارة مرقس. فأقر عيسى عليه السلام بأني لست صالحاً ولا صالح إلا الله وحده.
[٢] في الزبور الثاني والعشرين هكذا: ١ (إلهي إلهي انظر لماذا تركتني تباعد عني خلاصي بكلام جهلي) ٢ (إلهي بالنهار أدعوك فلم تستجب لي وبالليل فلم تحفل بي) . ولما كان آيات هذا الزبور راجعة إلى عيسى عليه السلام، على زعم أهل التثليث، فكان القائل بها عندهم هو عيسى عليه السلام.