فظهر على اللبيب من الأمثلة المذكورة أمور (الأول) نسخ بعض الأحكام في الشريعة اللاحقة ليس بمختص بشريعتنا بل وجد في الشرائع السابقة أيضاً (والثاني) أن الأحكام العملية للتوراة كلها أبدية كانت أو غير أبدية نسخت في الشريعة العيسوية (والثالث) أن لفظ النسخ أيضاً موجود في كلام مقدسهم بالنسبة إلى التوراة وأحكامها (والرابع) أن مقدسهم أثبت الملازمة بين تبدل الإمامة وتبدل الشريعة (والخامس) أن مقدسهم يدعي أن الشيء العتيق البالي قريب من الفناء، فأقول لما كانت الشريعة العيسوية بالنسبة إلى الشريعة المحمدية عتيقة فلا استبعاد في نسخها بل هو ضروري على وفق الأمر الرابع، وقد عرفت في المثال الثامن عشر والسادس أن مقدسهم ومفسريهم استعملوا ألفاظاً غير ملائمة بالنسبة إلى التوراة وأحكامها مع أنهم معترفون أنها كلام الله (السابع) أنه لا إشكال في نسخ أحكام التوراة بالمعنى المصطلح عندنا إلا في الأحكام التي صرح فيها أنها أبدية أو يجب رعايتها دائماً طبقة بعد طبقة، لكن هذا الإشكال لا يرد علينا لأنا لا نسلم أولاً أن هذه التوراة هي التوراة المنزلة أو تصنيف موسى كما علم في الباب الأول، ولا نسلم ثانياً أنها غير مصونة عن التحريف كما عرفت مبرهناً في الباب الثاني،.