ذاته، وكانت حاصلة أزلاً، وذلك محال لأن وجود الحوادث في الأزل محال، ولا سبيل إلى الثاني على هذا التقدير يكون ذلك الحلول زائداً على ذات الأقنوم فإذا حل في الجسم وجب أن يحل فيه صفة محدثة، وحلولها يستلزم كونه قابلاً للحوادث، وهو باطل كما عرفت.
وأما ثالثاً فلأن أقنوم الابن إذا حل في جسم عيسى عليه السلام فلا يخلو إما أن يكون باقياً في ذات الله أيضاً أو لا فإن كان الأول لزم أن يوجد الحال الشخصي في محلين، وإن كان الثاني لزم أن يكون ذات الله خالية عنه فينتفي لأن انتفاء الجزء يستلزم انتفاء الكل، وإن كان ذلك الاتحاد بدون الحلول فنقول إنّ أقنوم الابن إذا اتحد بالمسيح عليه السلام فهما في حال الاتحاد إن كانا موجودين فهما اثنان لا واحد فلا اتحاد، وإن عدما وحصل ثالث فهو أيضاً لا يكون اتحاداً بل عدم الشيئين وحصول شيء ثالث، وإن بقي أحدهما وعدم الآخر فالمعدوم يستحيل أن يتحد بالموجود لأنه يستحيل أن يقال المعدوم بعينه هو الموجود، فظهر أن الاتحاد محال، ومن قال إن الاتحاد على جهة الظهور كظهور كتابة الخاتم إذا وقع على طين أو شمع أو كظهور صورة الإنسان في المرآة فقوله لا يثبت الاتحاد الحقيقي بل يثبت التغاير، لأنه كما أن كتابة الخاتم الظاهرة على طين أو شمع غير الخاتم وصورة الإنسان في المرآة غير الإنسان، فكذلك يكون أقنوم الابن غير المسيح عليه السلام، بل غاية ما يلزم أن يكون ظهور أثر صفة الأقنوم فيه أكثر