وصلب واحد منهم فالباقي إلهان، فغضب عليه القسيس أيضاً وطرده، ثم طلب الثالث وكان ذكياً بالنسبة إلى الأولين وحريصاً في حفظ العقائد فسأله فقال: يا مولاي حفظت ما علمتني حفظاً جيداً وفهمت فهماً كاملاً بفضل الرب المسيح أن الواحد ثلاثة والثلاثة واحد وصلب واحد منهم ومات فمات الكل لأجل الاتحاد، ولا إله الآن وإلا يلزم نفي الاتحاد (أقول) لا تقصير للمسؤولين فإن هذه العقيدة يخبط
فيها الجهلاء هكذا ويتحير علماؤهم، ويعترفون بأنا نعتقد ولا نفهم، ويعجزون عن تصويرها وبيانها، ولذا قال الفخر الرازي في تفسيره ذيل تفسير سورة النساء:"واعلم أن مذهب النصارى مجهول جداً" ثم قال: "لا نرى مذهباً في الدنيا أشدّ ركاكة وبعداً من العقل من مذهب النصارى" وقال في تفسير سورة المائدة: "ولا نرى في الدنيا مقالة أشد فساداً وأظهر بطلاناً من مقالة النصارى" فإذا علمت بالبراهين العقلية القطعية أن التثليث الحقيقي ممتنع في ذات الله فلو وجد قول من الأقوال المسيحية دالاً بحسب الظاهر على التثليث يجب تأويله، لأنه لا يخلو إما أن نعمل بكل واحد من دلالة البراهين ودلالة القول.
وإما أن نتركهما، وإما أن نرجح النقل على العقل، وإما أن نرجح العقل على النقل،