ولا يدعي أهل الإسلام أن سبب كون القرآن كلام الله منحصر في كونه بليغاً فقط وكذا لا يدعون أن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم منحصرة في بلاغة القرآن فقط بل يدعون إن هذه البلاغة سبب من الأسباب الكثيرة لكون القرآن كلام الله، وأن القرآن بهذا الاعتبار أيضاً معجزة من المعجزات الكثيرة للنبي صلى الله عليه وسلم كما عرفت في الفصل الأول، وستعرف في الباب السادس إن شاء الله تعالى.
وهذه المعجزة ظاهرة في هذا الزمان أيضاً لألوف ألوف من أهل اللسان وماهري علم البيان، وعجز المخالفين ثابت من ظهورها إلى هذا الحين وقد مضت مدة ألف ومائتين وثمانين من الهجرة، وقد عرفت في الأمر الثاني من الفصل الأول أن قول النظام مردود وما قال أبو موسى الملقب بمزدار راهب المعتزلة من أن الناس قادرون على مثل هذا القرآن فصاحة ونظماً وبلاغة فهو مردود أيضاً كقول النظام، على أن مزدار هذا كان رجلاً مجنوناً استولت على دماغه اليبوسة بسبب كثرة الرياضة فهذى بأمثال هذه الهذيات كثيراً فكان يقول مثلاً إن الله قادر على أن يكذب ويظلم ولو فعل لكان إلهاً كاذباً ظالماً وإن من لابس السلطان