منزلة من كل ما سلف ذكره من الجنات والأنهار والمساكن الطيبة وهذا القول يدل على أن أفضل ما يعطي الله في الجنة هي اللذات الروحانية وإن كان يعطي اللذات الجسمانية أيضاً. ولذلك قال ذلك هو الفوز العظيم، لأن الإنسان مخلوق من جوهرين لطيف علوي وكثيف سفلي جسماني، وانضم إليهما حصول سعادة وشقاوة، فإذا حصلت الخيرات الجسمانية وانضم إليها حصول السعادات الروحانية، كان الروح فائزاً بالسعادات اللائقة به والجسد واصلاً إلى السعادات اللائقة به، ولا شك أن ذلك هو الفوز العظيم، وإن قال علماء بروتستنت إن اجتماعهما أيضاً في الجنة قبيح في عقولنا. أقول لهم لا تضطربوا فإنه لا يحصل لكم إن شاء الله، وقد عرفت في الباب الأول أن الإنجيل عندنا عبارة عما أنزل على عيسى عليه السلام فقط، فلو وجد في قول من الأقوال المسيحية ما يخالف ظاهره حكم القرآن، فمع قطع النظر عن أنه مروي برواية الآحاد، وعن أن مخالفة كتبهم المقدسة لا تضر القرآن، كما عرفت في جواب الشبهة الثانية.
أقول إن ذلك القول يكون مئولاً ألبتة، وكون أهل الجنة كالملائكة في زعمهم لا ينافي الأكل والشرب على حكم كتبهم، ألا يرون أن الملائكة الثلاثة الذين ظهروا لإبراهيم وأحضر لهم إبراهيم عليه السلام عجلاً حنيذاً وسمناً ولبناً أكلوا هذه الأشياء كما صرح به في الباب الثامن عشر من سفر التكوين، وأن