النوعين على جبل الطور فوصل إلينا أحدهما بواسطة الكتابة وثانيهما بواسطة المشايخ بأن نقلوها جيلاً بعد جيل، ولهذا يعتقدون أن كليهما مساويان في المرتبة ومن جانب الله وواجبا التسليم، بل يرجحون الثاني ويقولون إن القانون المكتوب ناقص مغلق في كثير من المواضع، ولا يمكن أن يكون أصل الإيمان على الوجه الكامل بدون اعتبار الرواية اللسانية، وهذه الرواية واضحة وأكمل، وتشرح القانون المكتوب وتكمله، ولهذا يردون معاني القانون المكتوب إذا كانت مخالفة للروايات اللسانية، واشتهر فيما بينهم أن العهد المأخوذ من بني إسرائيل ما كان لأجل القانون المكتوب، بل كان لأجل هذه الروايات اللسانية، فكأنهم بهذه الحيلة نبذوا القانون المكتوب وجعلوا الروايات اللسانية مبنى دينهم وإيمانهم، كما أن الرومانيين الكاتوليكيين في ملتهم اختاروا هذه الطريقة ويفسرون كلام الله على حسب هذه الروايات، وإن كان هذا المعنى الروايتي مخالفاً لمواضع كثيرة، ووصلت حالتهم في زمان ربنا إلى مرتبة ألزمهم الرب في هذا الأمر بأنهم يبطلون كلام الله لأجل سنتهم، ومن عهد الرب أفرطوا فيه جداً حتى عظموا هذه الروايات أزيد من المكتوب. وفي كتبهم أن ألفاظ المشايخ أحب من ألفاظ التوراة وألفاظ التوراة بعضها جيدة وبعضها غير جيدة، وألفاظ المشايخ كلها جيدة، وألفاظهم أجود جداً من ألفاظ الأنبياء.
ومرادهم بألفاظ المشايخ هذه الروايات اللسانية التي وصلت إليهم بواسطة المشايخ.