ما وعد ويبعد أن لا تكون هذه الأشياء كلها أو بعضها مروية برواية. فظهر مما ذكرنا أن من أنكر من فرقة بروتستنت اعتبار الأحاديث مطلقاً في الملة المسيحية فهو إما جاهل أو متعسف عنيد، وقوله مخالف لكتبه المقدسة ولجمهور علمائه من القدماء، وهو داخل في زمرة المبتدعين على قول بعض القدماء، ومع ذلك لا بد له من اعتبارها في كثير من هوسات فرقته مثل أن الابن مساوٍ للأب في الجوهر، وأن الروح القدس منشق من الأب والابن، وأن المسيح ذو طبيعتين وأقنوم واحد، وأنه ذو إرادتين إلهية وإنسانية، وأنه بعد ما مات نزل الجحيم، وغيرها من هوساتهم، مع أن هذه الكلمات لا توجد بعينها في العهد الجديد، وما اعتقدوا هذه الأمور إلا من الأحاديث والتقليدات، وأيضاً يلزم عليه أن ينكر كثير من أجزاء كتبه المقدسة مثل أن ينكر إنجيل مرقص ولوقا وتسعة عشر باباً من كتاب أعمال الحواريين، لأنها كتبت بالروايات اللسانية لا بالمشاهدة ولا بالوحي كما عرفت في الباب الأول، ومثل أن ينكر خمسة أبواب من الخامس والعشرين إلى التاسع والعشرين من سفر الأمثال لأنها جمعت في عهد حزقيا من الروايات اللسانية التي كانت جارية بينهم، وما بين زمان الجمع وموت سليمان عليه السلام مدة مائتين وسبعين سنة.