وذلك أن سكان اليمن في هذا الوقت ضعاف عاجزون عن الجهاد أو مضيعون له، وهم مطيعون لمن ملك هذه البلاد، حتى ذكروا أنهم أرسلوا بالسمع والطاعة لهؤلاء، وملك المشركين لما جاء إلى حلب جرى بها من القتل ما جرى، وأما سكان الحجاز؛ فاكثرهم أو كثير منهم خارجون عن الشريعة، وفيهم من البدع والضلال والفجور ما لا يعلمه إلا الله، وأهل الإيمان والدين فيهم مستضعفون عاجزون، وإنما تكون القوة والعزة في هذا الوقت لغير أهل الإسلام بهذه البلاد، فلو ذلت هذه الطائفة - والعياذ بالله تعالى -؛ لكان المؤمنون بالحجاز من أذل الناس، لا سيما وقد غلب فيهم الرفض، وملك هؤلاء التتار المحاربون لله ورسوله الآن مرفوض، فلو غلبوا لفسد الحجاز بالكلية، وأما بلاد إفريقية؛ فأعرابها غالبون عليها، وهم من شر الخلق، بل هم مستحقون للجهاد والغزو، وأما المغرب الأقصى؛ فمع استيلاء الإفرنج على أكثر بلادهم، لا يقومون بجهاد النصارى هناك، بل في عسكرهم من النصارى الذين يحملون الصلبان خلق عظيم، لو استولى التتار على هذه البلاد؛ لكان أهل المغرب معهم من أذل الناس، لا سيما والنصارى تدخل مع التتار؛ فيصيرون حزباً على أهل المغرب.
فهذا وغيره مما يبين أن هذه العصابة التي بالشام ومصر في هذا الوقت هم كتيبة الإسلام، وعزهم عز الإسلام، وذلهم ذل الإسلام، فلو استولى عليهم التتار لم يبق للإسلام عز ولا كلمة عالية ولا طائفة ظاهرة عالية يخافها أهل الأرض تقاتل عنه) (١) .