للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لفظ الأمر إذا أُطلق تناول النَّهي

(إن لفظ ((الأمر)) إذا أُطلق تناول النهي، ومنه قوله:

{أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرَّسولَ وأولي الأمْرِ} (١) ؛ أي: أصحاب الأمر، ومن كان صاحب الأمر كان صاحب النهي ووجبت طاعته في هذا وهذا؛ فالنهي داخل في الأمر، وقال موسى للخضر: {سَتَجِدُني إنْ شاءَ اللهُ صابِراً ولا أعْصي لَكَ أمْراً. قالَ فإنِ اتَّبَعْتَني فَلاَ تَسْألني عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} (٢) ، وهذا نهي له عن السؤال حتى يحدث له منه ذكراً، ولما خرق السفينة قال له موسى: {أخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إمْراً} (٣) فسأله قبل إحداث الذكر، وقال في الغلام {أقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً} (٤) فسأله قبل إحداث الذكر، وقال في الجدار: {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجْراً} (٥) وهذا سؤال من جهة المعنى؛ فإن السؤال والطلب قد يكون بصيغة الشرط، كما تقول: لو نزلت عندنا لأكرمناك، وإن بت الليلة عندنا أحسنت إلينا، ومنه قول آدم: {رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنَا وإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسرينَ} (٦) ، وقول نوح: {رَبِّ إني أعوذُ بِكَ أنْ أسْألَكَ ما لَيْسَ لي بِهِ عِلْمٌ وإلاَّ تَغْفِرْ لي وَتَرْحَمْني أكُنْ مِنَ الخاسرينَ} (٧) ، ومثله كثير، ولهذا قال موسى: {إنْ سَألْتُكَ عَنْ


(١) النساء: ٥٩.
(٢) الكهف: ٦٩، ٧٠.
(٣) الكهف: ٧١.
(٤) الكهف: ٧٤.
(٥) الكهف: ٧٧.
(٦) الأعراف: ٢٣.
(٧) هود: ٤٧.

<<  <   >  >>