للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لو أفتى المفتي بالخطأ فالعقوبة لا تجوز إلاَّ بعد إقامة الحُجَّة ولا يجوز منعه من الفُتْيا

مطلقاً ولا حبسه

(لو قدر أن المفتي أفتى بالخطأ؛ فالعقوبة لا تجوز إلا بعد إقامة الحجة، فالواجب أن تبين دلالة الكتاب والسنة على خطئه، ويجاب عما احتج به؛ فإنه لا بد من ذكر الدليل والجواب عن المعارض، وإلا؛ فإذا كان مع هذا حجة ومع هذا حجة لم يجز تعيين الصواب مع أحدهما إلا بمرجِّح) (١) .

وقال: (لو قدر أن العالم الكثير الفتاوى أفتى في عدة مسائل بخلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه وخلاف ما عليه الخلفاء الراشدون؛ لم يجز منعه من الفتيا مطلقاً، بل يبين له خطؤه فيما خالف فيه، فما زال في كل عصر من أعصار الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين من هو كذلك؛ فابن عباس رضي الله عنهما كان يقول في ((المتعة والصرف)) بخلاف السنة الصحيحة، وقد أنكر عليه الصحابة ذلك ولم يمنعوه من الفتيا مطلقاً؛ بل بينوا له سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المخالفة لقوله؛ فعلي رضي الله عنه روي له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حرم المتعة، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره رووا له تحريمه لربا الفضل ولم يردوا فتياه لمجرد قولهم وحكمهم ويمنعوه من الفتيا مطلقاً، ومثل هذا كثير؛ فالمنع العام حكم بغير ما أنزل الله وهو باطل باتفاق المسلمين) (٢) .

وقال أيضاً: (لو قدر أن العالم الكثير الفتاوى أخطأ في مئة مسألة لم


(١) * ((مجموع الفتاوى)) (٢٧ / ٣٠٧) .
(٢) ** ((مجموع الفتاوى)) (٢٧ / ٣١١) .

<<  <   >  >>