للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكفر المطلق وكفر المعين

(والتحقيق في هذا: أنَّ القول قد يكون كفراً؛ كمقالات الجهميَّة الذين قالوا: إنَّ الله لا يتكلَّم ولا يرى في الآخرة؛ ولكن قد يخفى على بعض النَّاس أنَّه كفر، فيُطلق القول بتكفير القائل؛ كما قال السَّلف: من قال القرآن مخلوق؛ فهو كافر، ومن قال: إنَّ الله لا يرى في الآخرة؛ فهو كافر، ولا يكفر الشَّخص المعيَّن حتَّى تقوم عليه الحجَّة كما تقدم، كمن جحد وجوب الصَّلاة والزَّكاة واستحلَّ الخمر والزِّنا وتأوَّل؛ فإنَّ ظهور تلك الأحكام بين المسلمين أعظم من ظهور هذه، فإذا كان المتأوِّل المخطىء في تلك لا يحكم بكفره إلاَّ بعد البيان له واستتابته - كما فعل الصَّحابة في الطَّائفة الذين استحلُّوا الخمر -؛ ففي غير ذلك أولى وأحرى، وعلى هذا يخرج الحديث الصحيح: ((في الذي قال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني في اليم؛ فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذِّبني عذاباً ما عذَّبه أحداً من العالمين)) (١) ، وقد غفر الله لهذا مع ما حصل له من الشك في قدرة الله وإعادته إذا حرَّقوه، وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع) (٢) .


(١) رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان، ٣٤٧٨، والرقاق، ٦٤٨١، والتوحيد، ٧٥٠٨) ومسلم في (التوبة، ٢٧٥٧) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) ، والبخاري في (أحاديث الأنبياء، ٣٤٨١) ومسلم في (التوبة، ٢٧٥٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) .
(٢) * ((مجموع الفتاوى)) (٧ / ٦١٩) .

<<  <   >  >>