للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل السُّنَّة في الإسلام كأهل الإسلام في الملل

(كلما كان الإنسان أعظم رغبةً في العلم والعبادة وأقدر على ذلك من غيره، بحيث تكون قوته على ذلك أقوى ورغبته وإرادته في ذلك أتم؛ كان ما يحصل له إن سلمه الله من الشيطان أعظم، وكان ما يفتتن به إن تمكن منه الشيطان أعظم، ولهذا قال الشعبي: كل أمة علماؤها شرارها؛ إلا المسلمين؛ فإن علماءهم خيارهم.

وأهل السنة في الإسلام كأهل الإسلام في الملل، وذلك أن كل أمة غير المسلمين فهم ضالون، وإنما يضلهم علماؤهم؛ فعلماؤهم شرارهم، والمسلمون على هدى، وإنما يتبين الهدى بعلمائهم؛ فعلماؤهم خيارهم، وكذلك أهل السنة أئمتهم خيار الأمة، وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل الخوارج ونهى عن قتال الولاة الظلمة، وأولئك لهم نهمة في العلم والعبادة؛ فصار يعرض لهم من الوساوس التي تضلهم - وهم يظنونها هدى فيطيعونها - ما لا يعرض لغيرهم، ومن سلم من ذلك منهم كان من أئمة المتقين مصابيح الهدى وينابيع العلم؛ كما قال ابن مسعود لأصحابه: كونوا ينابع العلم، مصابيح الحكمة، سرج الليل، جدد القلوب، أحلاس البيوت، خلقان الثياب، تعرفون في أهل السماء وتخفون على أهل الأرض (١) (٢) .

* * *


(١) رواه الدارمي في مقدمة ((السنن)) (٢٥٨) . وفي إسناده محمد بن عون؛ متروك.
(٢) * ((مجموع الفتاوى)) (٧ / ٢٨٤ - ٢٨٥) .

<<  <   >  >>