للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جنس فعل المأمور به أعظم من جنس ترك

المنهيِّ عنه

(إن جنس فعل المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه، وإن جنس ترك المأمور به أعظم من جنس فعل المنهي عنه، وإن مثوبة بني آدم على أداء الواجبات أعظم من مثوبتهم على ترك المحرمات، وإن عقوبتهم على ترك الواجبات أعظم من عقوبتهم على فعل المحرمات ...

إن أعظم الحسنات هو الإيمان بالله ورسوله، وأعظم السيئات الكفر، والإيمان أمر وجودي؛ فلا يكون الرجل مؤمناً ظاهراً حتى يُظهر أصل الإيمان، وهو شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسول الله، ولا يكون مؤمناً باطناً حتى يقر بقلبه بذلك؛ فينتفي عنه الشك ظاهراً وباطناً مع وجود العمل الصالح، وإلا؛ كان كمن قال الله فيه: {قالَتِ الأعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنوا ولكِنْ قولوا أسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمانُ في قُلُوبِكُمْ} (١) .

...

والكفر: عدم الإيمان باتفاق المسلمين، سواء اعتقد نقيضه وتكلم به أو لم يعتقد شيئاً ولم يتكلم، ولا فرق في ذلك بين مذهب أهل السنة والجماعة الذين يجعلون الإيمان قولاً وعملاً بالباطن والظاهر وقول من يجعله نفس اعتقاد القلب؛ كقول الجهمية وأكثر الأشعرية، أو إقرار اللسان؛ كقول الكرامية؛ أو جميعها؛ كقول فقهاء المرجئة وبعض الأشعرية؛ فإن هؤلاء مع أهل الحديث، وجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنبلية، وعامة الصوفية، وطوائف من أهل الكلام من متكلمي السنة وغير متكلمي السنة من المعتزلة والخوارج وغيرهم: متفقون على أن من لم يؤمن بعد قيام الحجة عليه بالرسالة فهو كافر، سواء كان مكذباً أو مرتاباً أو معرضاً


(١) سورة الحجرات: ١٤.

<<  <   >  >>