(مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحجاز باتفاق أهل العلم، ولم يقل أحد من المسلمين ولا غيرهم: إن المدينة النبوية من الشام، وإنما يقول هذا جاهل بحد الشام والحجاز، جاهل بما قاله الفقهاء وأهل اللغة وغيرهم، ولكن يقال: المدينة شامية، ومكة يمانية؛ أي: المدينة أقرب إلى الشام، ومكة أقرب إلى اليمن، وليست مكة من اليمن ولا المدينة من الشام.
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته: أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب - وهي الحجاز -؛ فأخرجهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة وخيبر وينبع واليمامة ومخاليف هذه البلاد، ولم يخرجهم من الشام؛ بل لما فتح الشام أقر اليهود والنصارى بالأردن وفلسطين وغيرهما، كما أقرهم بدمشق وغيرها.
وتربة الشام تخالف تربة الحجاز، كما يوجد الفرق بينهما عند المنحنى الذي يسمى عقبة الصوان؛ فإن الإنسان يجد تلك التربة مخالفة لهذه التربة، كما تختلف تربة الشام ومصر، فما كان دون وادي المنحنى فهو من الشام، مثل معان، وأما العلى وتبوك ونحوهما؛ فهو من أرض الحجاز، والله أعلم) (١) .