للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيخ الإسلام يصف أهل زمانه وقت ظهور التتار

( ... أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما؛ فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام، وهم من أحق الناس دخولاً في الطائفة المنصورة التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الأحاديث الصحيحة المستفيضة عنه: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة)) (١) ، وفي رواية لمسلم: ((لا يزال أهل الغرب)) (٢) .

والنبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم بهذا الكلام بمدينته النبوية؛ فغربه ما يغرب عنها، وشرقه ما يشرق عنها، فإن التشريق والتغريب من الأمور النسبية؛ إذ كل بلد له شرق وغرب، ولهذا إذا قدم الرجل إلى الإسكندرية من الغرب يقولون: سافر إلى الشرق، وكان أهل المدينة يسمون أهل الشام أهل الغرب ويسمون نجد والعراق أهل الشرق ...

... ومن يتدبر أحوال العالم في هذا الوقت يعلم أن هذه الطائفة هي أقوم الطوائف بدين الإسلام: علما، ً وعملاً، وجهاداً من شرق الأرض وغربها؛ فإنهم هم الذين يقاتلون أهل الشوكة العظيمة من المشركين وأهل الكتاب ومغازيهم مع النصارى ومع المشركين من الترك ومع الزنادقة المنافقين من الداخلين في الرافضة وغيرهم؛ كالإسماعيلية ونحوهم من القرامطة معروفة معلومة قديماً وحديثاً، والعز الذي للمسلمين بمشارق الأرض ومغاربها هو بعزهم ...


(١) رواه البخاري في (الاعتصام بالسنة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزال طائفة)) ، رقم ٧٣١١) ، ومسلم في (الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكماً بشريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، رقم ١٥٦) ؛ من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(٢) في (كتاب الإمارة، باب قوله: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق)) ، رقم ١٩٢٥) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

<<  <   >  >>