للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرجئة أخوف على هذه الأمة من الخوارج

(دخل في ((إرجاء الفقهاء)) جماعة هم عند الأمة أهل علم ودين، ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحداً من ((مرجئة الفقهاء)) ، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال لا من بدع العقائد؛ فإن كثيراً من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب؛ فليس لأحد أن يقول بخلاف قول الله ورسوله، لا سيما وقد صار ذلك ذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم وإلى ظهور الفسق، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سبباً لخطإ عظيم في العقائد والأعمال، فلهذا عظم القول في ذم ((الإرجاء)) ؛ حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم - يعني: المرجئة - أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة (١) . وقال الزهري: ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الأرجاء. وقال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير وقتادة يقولان: ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء. وقال شريك القاضي - وذكر المرجئة؛ فقال -: هم أخبث قوم، حسبك بالرافضة خبثاً، ولكن المرجئة يكذبون على الله. وقال سفيان الثوري: تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري (٢) . وقال قتادة: إنما حدث الإرجاء بعد فتنة فرقة ابن الأشعث) (٣) .


(١) فرقة من الخوارج أتباع نافع بن الأزرق.
(٢) قال في ((لسان العرب)) : السابريُّ من الثياب: الرقاق، وكل رقيقٍ سابريٌّ.
(٣) * ((مجموع الفتاوى)) (٧ / ٣٩٤ - ٣٩٥) .

<<  <   >  >>