للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيارة قبور المسلمين نوعان: شرعية وبدعية

زيارة قبور المسلمين على وجهين: زيارة شرعية، وزيارة بدعية.

فالزيارة الشرعية: أن يكون مقصود الزائر الدعاء للميت؛ كما يقصد بالصلاة على جنازته الدعاء له؛ فالقيام على قبره من جنس الصلاة عليه، قال الله تعالى في المنافقين: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (١) ؛ فنهى نبيه عن الصلاة عليهم والقيام على قبورهم لأنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهو كافرون، فلما نهى عن هذا وهذا لأجل هذه العلة وهي الكفر دل ذلك على انتفاء هذا النهي عند انتفاء هذه العلة.

ودل تخصيصهم بالنهي على أن غيرهم يصلى عليه ويقام على قبره؛ إذ لو كان هذا غير مشروع في حق أحد لم يخصوا بالنهي ولم يعلل ذلك بكفرهم، ولهذا كانت الصلاة على الموتى من المؤمنين والقيام على قبورهم من السنة المتواترة؛ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى على موتى المسلمين وشرع ذلك لأمته، وكان إذا دفن الرجل من أمته يقوم على قبره ويقول: ((سلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يُسأل)) (٢) . رواه أبو داود وغيره.

وكان يزور قبور أهل البقيع والشهداء بأحد ويعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا


(١) التوبة: ٨٤.
(٢) [صحيح] . رواه أبو داود في (الجنائز، باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف، رقم ٢٨٠٤) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه. وانظر: ((صحيح الجامع)) (٩٤٥، ٤٧٦٠) .

<<  <   >  >>