للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترك السُّنة يُفضي إلى فعل البدعة وترك المأمور يفضي إلى فعل المحظور

(لا تجد أحداً ترك بعض السنة التي يجب التصديق بها والعمل إلا وقع في بدعة، ولا تجد صاحب بدعة إلا ترك شيئاً من السنة؛ كما جاء في الحديث: ((ما ابتدع قوم بدعة؛ إلا تركوا من السنة مثلها)) (١) . رواه الإمام أحمد، وقد قال تعالى: {فَنَسُوْا حَظّاً مِمَّا ذُكِّروا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ العَداوَةَ والبَغْضاءَ} (٢) ، فلما تركوا حظاً مما ذُكِّروا به اعتاضوا بغيره فوقعت بينهم العداوة والبغضاء، وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرينٌ} (٣) ؛ أي: عن الذكر الذي أنزله الرحمن، وقال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى وَمَنْ أعْرَضَ عَنْ ذِكْري فَإنَّ لَهُ مَعيشَةً ضّنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيامَةِ أعْمَى} (٤) ، وقال: {اتَّبِعوا ما أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعوا مِنْ دونِهِ أوْلِيَاءَ قَليلاً ما تَذَكَّرونَ} (٥) ؛ فأمر باتباع ما أُنزل ونهى عما يضاد ذلك وهو اتباع أولياء من دونه، فمن لم يتبع أحدهما اتبع الآخر، ولهذا قال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبيلِ المُؤْمِنينَ} (٦) ، قال


(١) [ضعيف مرفوعاً] . رواه أحمد في ((المسند)) (٤ / ١٠٥) من حديث غضيف بن الحارث الثمالي بإسناد ضعيف بلفظ: ((ما أحدث قوم بدعة؛ إلا رفع مثلها من السنة، فتمسكٌ بسنة خير من إحداث بدعة)) . ورواه الدارمي في مقدمة ((السنن)) (٩٨) بإسناد صحيح موقوفاً على حسان بن عطية بلفظ: ((ما ابتدع قوم بدعة في دينهم؛ إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة)) .
(٢) المائدة: ١٤.
(٣) الزخرف: ٣٦.
(٤) طه: ١٢٤.
(٥) الأعراف: ٣.
(٦) النساء: ١١٥.

<<  <   >  >>